المفاجأة - دراسات توقعت انهيار الدويقة لم يلتفت إليها أحد

فى الوقت الذى بدا فيه انهيار الدويقة مفاجأة للمسئولين، يشير الدكتور صلاح محمود رئيس المعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أن المعهد أعد عدة دراسات منذ سنوات، تؤكد أن صخور هضبة المقطم تنذر بالانهيار فى أى وقت، وتحذر من وجود تجمعات سكانية حول الهضبة، ولكن لم يستجب أحد لهذه الدراسات.فى حين أشار محمود إلى أن الحادث سببه المباشر طرنشات الصرف الصحى التى أنشأها الأهالى فى العشوائيات المحيطة بالهضبة، لكنه أكد أن ميل الهضبة وكونها تتكون من الجير والطفلة، يجعلها غير آمنة ومعرضة لانهيارات متكررة، أما الدكتور عبد العليم تعيلب الرئيس السابق للمعهد فرفض التعليق على الحادث، مما أثار العديد من علامات الاستفهام، حيث قال "لن أتكلم فى هذا الموضوع مطلقاً واسألوا المسئولين".على صعيد متصل، يعيش أهالى عزبة بخيت فى خطر عقب هذا الانهيار، خاصة أنهم يتوقعون مزيداً من الانهيارات فى أى لحظة، وهو ما أكده خالد عبدالله أحد سكان منطقة محمد شاهين القريبة من عزبة بخيت، قائلاً "نحن 30 أسرة تسكن خمسة بيوت على الهضبة، ونعانى من وجود تشققات فى جدران منازلنا منذ فترة طويلة، ونتوقع انهيار الصخور علينا فى أى لحظة، وهو ما يتوقعه سكان الشهبة فى عزبة بخيت أيضاً، شاهين أكد أن أهالى المنطقة توجهوا عدة مرات للمسئولين لطلب مساكن بديلة، إلا أن كل مساعيهم باءت بالفشل "جاءت لنا مهندسة من المحافظة وأكدت أن هناك خطراً داهماً يتهددنا، ثم غادرت وعندما سألنا المحَافَظَة عن مصير التقرير أجابونا بأنه يستغرق ثلاثة أشهر لكتابته، ولم يصل لنا رد حتى الآن"، ويشير شاهين إلى أن المسئولين لا يلتفتون إلى الظروف المرعبة التى يعيشونها إلا عندما تحدث كارثة، حيث أرسلنا العديد من الشكاوى لحيدر بغدادى نائبنا فى المجلس ولجهاز المجتمعات العمرانية وأمين الشياخة، ولم يلتفت لشكوانا أحد، والصحافة تصورنا وجمعيات حقوق الإنسان تسجل معنا ثم يذهبون بلا رجعة ولا جديد.ويشير شاهين إلا أن أهالى المنطقة لا يريدون مساكن بديلة بل يتمنون أن تساعدهم المحافظة على العيش فى أمان "لن نكلف المحافظة شيئاً، فقط نريدهم أن يزيلوا الصخور المعرضة للانهيار، ويسمحوا لنا أن نبنى مساكن ملكاً على نفقاتنا الخاصة، من دون تعقيدات". ومن ناحية أخرى أبدت منال الطيبى مديرة المركز المصرى للحق فى السكن، استياءها من تعامل المسئولين مع ملف العشوائيات بمنطقة المقطم، خاصة بعد وقوع كوارث تؤدى إلى تشريد السكان "هذا ليس أول انهيار يحدث بالمنطقة، ودائماً يتقاعس المسئولون عن بناء مساكن بديلة للمضارين"، وتشير الطيبى إلى أن المشروعات التى تقوم بها بعض الجهات لتجميل المنطقة تعمل على مضاعفة مأساة سكانها لأنها تؤدى إلى تسرب المياه للشقوق الموجودة فى الجبل، وتزيد من احتمالات تعرضها للانهيار، مشيرة "نحن نعمل فى منطقة الدويقة منذ 8 سنوات وطوال هذه المدة لم نجد تعاوناً من أعضاء مجلسى الشعب والشورى فى الدائرة التابعة للمكان، فلا علاقة لهم بالجمهور وما حدث يعتبر إنذار خطر"، وترى الطيبى أن اهتمام الدولة بالعشوائيات لا يعدو كونه شعارات فالمساكن البديلة التى توفرها لسكان العشوائيات، تكون أسعارها فوق طاقة هؤلاء السكان، وتشير أن المسئولين ينظرون بشكل غير لائق لسكان العشوائيات "رئيس الحى وصف سكان الدويقة بالمتحايلين والعاطلين، بينما كل المشروعات الموجودة بمنشأة ناصر تمول من الشيخ زايد وصندوق أبوظبى وجهات أخرى من خارج مصر".وتثير حالة عدم الاستعداد والصعوبات التى واجهتها قوات الدفاع المدنى فى مواجهة كارثة الدويقة، القلق من قدرة الجهات المسئولة عن مواجهة أى كوارث تحدث فى العشوائيات، وهو ما أكدته الطيبى "منذ فترة حدث حريق فى منطقة زرزارة فى بورسعيد، واحترقت 20 عشة، ولم تكن مواجهة الجهات المسئولة على قدر المسئولية".من جانبه يرى الباحث باهر شوقى، أن المشكلة تتجاوز أهالى الدويقة ومنشأة ناصر، حيث إن هناك "حوالى 60 إلى 75% من إجمالى المنشآت التى أقيمت فى الثلاثين سنة الأخيرة تصنف ضمن العشوائيات، وهناك ما يقرب من 60 ألف قرار إزالة صادر لبعض هذه المبانى، إلا أنها لم تنفذ حتى الآن، وتلك هى الكارثة الكبرى".